النجاح الوظيفي وعلاقته بالتخصص والميول

النجاح الوظيفي وعلاقته بالتخصص والميول
النجاح الوظيفي وعلاقته بالتخصص والميول
بسم الله الرحمن الرحيم
في ندوة (الوفاء) الثقافية:
الدكتور إبراهيم بن عبد الرحمن الغنيم يحاضر عن : (النجاح الوظيفي وعلاقته بالتخصص والميول)
الرياض : محمد شلال الحناحنة
أقامت ندوة (الوفاء) الثقافية في الرياض ضمن لقاءاتها لهذا الفصل الأولى محاضراتها بعنوان : ( النجاح الوظيفي وعلاقته بالتخصص والميول) ألقاها الدكتور إبراهيم عبد الرحمن الغنيم مدير عام مؤسسة تحسين الأداء، ومشرف البرامج التدريبية بجامعة الملك سعود، وذلك مساء الأربعاء 8 / 5 / 1437هـ ، وقد أدار اللقاء المهندس محمد أحمد باجنيد، وحضره حشد من المفكرين والإعلاميين ورواد (الوفاء) ومتابعيها.

ندوة الثقافة والقيم

بعد أن حمد الله، وصلى على نبيه صلى الله عليه وسلم، شكر الضيف الدكتور إبراهيم بن عبد الرحمن الغنيم عميد الندوة الشيخ/ أحمد محمد باجنيد على دعوته له،وأضاف: إن ندوة (الوفاء) هي ندوة عظيمة، وهي ندوة القيم والثقافة وأنا مسرور بهذا اللقاء، وهذه الوجوه الطيبة من الحضور، أما بالنسبة لهذه المحاضرة فإن للنجاح الوظيفي علاقة كبيرة بالتخصص والميول الخاصة التي تميز الناس عن بعضهم بعضاً ، وهناك جهود واسعة وعظيمة تبذلها الدول للتطوير البشري، ولكن كثيراً من المشاريع تفشل لعدم وجود مرجعية علمية، مما يسبب هدراً لطاقات الموظفين.
ومن أبرز الشركات التي تهتم بهذا الجانب شركة ألفا البريطانية للتدريب والتطوير، ولديهم برامج محكمة في ذلك، ولا شك أنه كلما كان هناك تقارب بين الميول والتخصص كان هذا أقرب لتحقيق الهدف.



ما تعريف الشخصية ؟!

وأشار المحاضر الدكتور إبراهيم الغنيم إلى أن هناك ما يقرب من خمسين تعريفاً للشخصية منها ما يأتي :
أ / هي المركب المميز من الدوافع والعواطف والقيم والرغبات والكفاءات.
ب / هي الخصائص والصفات التي تقود السلوك الإنساني.
ج/ وكذلك هي مجموعة من الصفات الجسدية والنفسية والأخلاقية الموروثة والمكتسبة، وهي مما يميز الشخص من العادات والتقاليد والقيم.
أما السلوك فهو كل ما يمكن ملاحظته كنتيجة للتفاعل بين شخصية الفرد والبيئة المحيطة حوله.
ونعرف البيئة بأنها هي : الظروف والمتغيرات المحيطة بالشخص.
المجالات المؤثرة في الرغبات والميول
وتحدث المحاضر الدكتور إبراهيم الغنيم عن أبرز العوامل المؤثرة في الميول والرغبات الإنسانية مشيراً إلى أنه يمكن تلخيصها بما يأتي :
1/ الشخصية 2/ أنماط التفكير 3/ السلوك 4/ العواطف
5 / التخصص6 / المهنة .
ومن الأسئلة الملحة : هل تخصص الفرد في الدراسة يكون منسجماً دائماً مع رغباته وقدراته؟
إن زيادة مسافة التباعد بين الإنسان وتخصصه تنتج ظاهرتين هما :
أ / ظاهرة تزييف النوع ، وهي ظاهرة تتعلق بصحة الفرد والمجتمع.
ب/ ظاهرة عدم الارتباط وتتعلق بالإنتاجية وتأثيرها على التنمية وهما ظاهرتان خطيرتان.
ويظل تزييف النوع مشكلة خطيرة جداً ذات عواقب عملية ونفسية، وقد استعمل الباحث (بونغ) مصطلح تزييف النوع لوصف الأشخاص الذين يمارسون مهارات خارج نطاق رغباتهم الطبيعية، ولذا سمي (بونغ) هذه الحالة بأنها : (انتهاك للاستعداد والميل الطبيعي).



كلفة تزييف النوع

وأشار الدكتور الغنيم إلى كلفة تزييف النوع وتتمثل بما يأتي :
1-حدوث حالة من القلق والتوتر عند الأشخاص غير المنسجمين مع أعمالهم ووظائفهم.
2-سرعة الاستثارة ورد الفعل السلبي الغاضب.
3-ظهور الخمول عند بذل أي جهد.
4-ظهور الأمراض النفسية والعضوية في كثير من الأحيان.
ولا يوجد علاج لتزييف النوع غير الرجوع للنوع الطبيعي، والإنسان لا يمكن أن يبدل شخصيته، ولعل بداية الانحراف في النوع المزيف تبدأ بالانحراف من نقطة النسبي أو الكلي في اختيار التخصص، ويتأكد هذا التزييف بممارسة الوظيفة والعمل، وقد أجريت تجربة في كلية الطب في جامعة كاليفورنيا في أمريكا أثبتت أن زيادة هائلة في الطاقة التي يحتاجها الدماغ عندما يجبر على استعمال نمط غير نمطه الطبيعي.
وذكرت (كاترين بن زقر) عن الدكتور (ريتشارد مير) أنه وجد أن الدماغ الذي يعمل في غير مجاله المفضل يحتاج لمئة ضعف أو أكثر من الأكسجين والطاقة، وفي الحديث الذي أخرجه ابن ماجة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (أجملوا في طلب الدنيا فإن كلاً ميسر لما خلق له) وتؤكد كاترين في بحثها على أن كلفة تزييف النوع كلفة ضخمة حيث يصعب تقديرها، ومن أعراض تزييف النوع كما يرى بعض الباحثين: الإجهاد، اليقظة الفائقة ، تغيير في نظام الدماغ ، الكآبة، الملل، الإرباك، الغضب، ضعف الإنتاجية، وغيرها. ونشرت مجلة الصحة الطبيعية في أمريكا أن كثيراً من الأشخاص يموتون بسبب عملهم في أعمال لا يحبونها ومن أعراض ذلك الإعياء، والكآبة، وافتقاد البهجة، وعدم وجود التوازن، والأمراض المفاجئة.
وفي بحوث أخرى وجد أن الطالب المرتبط بتخصصه لديه رغبة وولاء برفع تحصيله الأكاديمي، وكذلك المواطن المرتبط يقوم بعمله بحماسة وولاء عاطفي والرضا وحده عن العمل لا يعني تمام الارتباط.
ونشرت شركات أمريكية بحوثاً أن نسبة الذين يعملون برغبة من المرتبطين بأعمالهم بلغت في استبيان نحو 20% ، وأن الذين يؤدون عملهم دون رغبة يمثلون 60% ، ومن صفات هؤلاء : التذمر ، إضعاف العمل، ونشر الإحباط بين العاملين، وأما من يضرون المؤسسة ويضرون أنفسهم فنسبتهم 20%.
وكلفة عدم الارتباط في أمريكا (450 – 550 ) مليار دولار سنوياً ومن نتائج عدم الارتباط : الخسارة ــ ضعف الإنتاجية، والحوادث، والسرقات .
وفي استبيان لبعض دول مجلس التعاون الخليجي وجد بشأن الارتباط بالعمل ما يأتي :
البلد نسبة المرتبطين نسبة ضعيفي الارتباط نسبة غير المرتبطين
قطر 28%62%10%
الإمارات 26%60%14%
السعودية 9 % 80%11%



نظام التقويم متعدد الجوانب عند (مابس)

وأشار المحاضر الدكتور إبراهيم الغنيم أن (مابس) اعتمد في نظام تقويمه على ما يأتي :
1-بحوث تشريح الدماغ.
2-نظريات علم النفس المعرفي.
أما فوائد برنامجه فتميزت بما يلي :
1-معرفة نمط التفكير الخاص لدى العاملين.
2-فهم نواحي القوة والضعف لديهم.
وقد تم تقنين برنامج (مابس) على البيئة العربية، وأعطانا نتائج مذهلة معبرة عن هذه البيئة في تزييف النوع، ومدى الارتباط بالعمل .
ويضم برنامج (مابس) أربعة مؤشرات:
1-بوصلة التفكير.
2-مؤشرات الذكاء العاطفي.
3-مؤشرات الذكاء المتعدد.
4-رمز (هولاند) الوظيفي.
وعرض المحاضر في الختام (فيلماً) يلخص المحاضرة.



أنــــداء الحـــــوار

أخيراً، كان للمداخلات والحوارات والأسئلة التي أجاب عنها الضيف الدكتور إبراهيم الغنيم الدور الكبير في إثراء هذا اللقاء فسأل الأستاذ / حاتم إدريس : هل المقصود بالنمط الطبيعي هو الانتماء للمؤسسة التي يعمل فيها الموظف ؟!.
كذلك سأل الأستاذ منصور عبد الله : ماذا لو كان الشخص ملماً بتخصصات مختلفة ويتقنها ويمارسها فهل هذا يزيد في حب النوع مقابل شخص يحب تخصصات ويمارسها وهو لا يتقنها؟! أما الدكتور الأديب أحمد الخاني ، فبعد شكره لعميد الندوة الشيخ أحمد با جنيد أشار إلى أن (إيفل) كان ضعيفاً في الرياضيات وهو صاحب برج (إيفل) وهكذا كانت العبقرية فاخترق الحواجز وأبدع فيما تأخر غيره !!.
وقال الدكتور إبراهيم الشتوي : تدور المحاضرة في البحث عن الميول الشخصية، وقضايا النجاح في العمل قضايا نفسية في كثير من الأحيان والنجاح الوظيفي، كما أرى ــ يتعلق بالميل الفطري، ومن تجاربي في الجامعة وجدت أن أغلب طلابي ليس لهم رغبات بل يتخصصون حسب رغبات أصحابهم، والتركيز مهم على بيئة العمل الجاذبة المريحة نفسياً، كما أن الحوافز مهمة ، بينما نرى بيئات عمل طاردة وتحدث الناقد الدكتور عبد الباسط بدر قائلاً : إن هذه الإحصاءات المخيفة توحي بخلل كبير بين الميول والعمل الذي يمارسه الإنسان !!.
فهل هناك طريقة لتقليل هذه المسافات ؟! هل هناك حلول لتدجين الميول أو تقريب العمل من طبيعة الشخص ؟! إن النتائج مخيفة على مستوى الفرد والمجتمع!! فما الحلول الإيجابية التي توصلت لها؟! وسأل أحد الإخوة : كيف يمكن مساعدة أبنائنا الطلبة لمعرفة ميولهم ورغباتهم؟!
وعبر الشيخ إبراهيم المبارك عن حنينه وفاء لصاحب هذه الندوة لأنه صاحب الوفاء، كما أنه وفيّ للدكتور راشد المبارك في أحديته .
كما شكر الشيخ إبراهيم المبارك الحضور !! ثم أشار أن التوافق بين الوظيفة والميول يكون نسبياً في كثير من الأحيان! ولا شك أن الانتماء والصدق، والإخلاص في العمل تحقق التوافق.
أما الأستاذ / صالح قطيش فقال : هناك أشخاص رغبتهم الهندسة وتجدهم أدباء وشعراء كذلك .. فكيف نفهم هذه المسألة ؟ ! وأشار الدكتور عبد الرحمن باسلم بأننا نجد أشخاصاً ميكانيكيين يعملون في إدارة الموارد البشرية ... مما يجعل الخطر مضاعفاً في الإنتاجية! وفي اليابان وكوريا مثلاً يدخلون الموظف في أول خمس سنوات في إعادة تأهيل بما يخدم وظيفته، لذا ترى الإنتاجية لديهم عالية جداً !!.
وسأل الأستاذ / محمد عبد الوهاب هل كل من يتخرج من الإدارة يستطيع إدارة أي مؤسسة؟!.
وقال الأستاذ منصور العمرو : إن كثيراً من خريجي التعليم العالي لا يعملون في تخصصاتهم.
وفي الختام، كانت دعوات الشيخ الفاضل محمد با فضل لعميد الندوة وللحضور وللمملكة، والمسلمين جميعاً دعوات مخلصة لامست القلوب، وصافحت النفوس، مشيراً فضيلته إلى أن النجاح الوظيفي يكون في صدقك وإخلاصك لله سبحانه وتعالى !!.





التصنيفات

أضف تعليق