التحولات في المنجز الذري

التحولات في المنجز الذري
التحولات في المنجز الذري
التحولات في المنجز الذري:

 الدكتور يحيى محمد شيخ أبو الخير
 تحولات المنجز الذرى
 
 بدأ د. أبوالخير حديثه بمقدمة مفاهيمية وضح فيها المقصود بتحولات المنجز الذرى فى التاريخ، مشيرا فى هذا الصدد الى أن المقصود هو رصد التغيرات التى طرأت وتطرأ على الاطر المرجعية لنظرية المعرفة الذرية بتطبيقاتها المختلفة، مبينا أن هذه التغيرات قد أفرزت نقلات نوعية مفصلية فى حقل دراسات الذرة. وأشار د. أبوالخير فى هذه المقدمة إلى أن هذه النقلات النوعية قد مكنت العلماء من تجاوز الأزمات المعرفية والسير بعلم الذرة قدما الى الأمام مما هيأ فرصا لاستبدال المناظير السابقة التى سادت أبان الأزمة بمناظير أحدث ونماذج ذرية مرهونة بمرحلة ماوراء الثورة المعرفية. وذكر د. أبوالخير فى سياق مقدمته أن بزوغ هذه المناظير والنماذج الطفروية فى كل مرحلة من مراحل المنجز الذرى إقتضى مراجعة جذرية للنظرية الذرية نتج عنها تحولات معرفية قلبت موازين فهم وإدراك ذرة ما قبل الازمة التى أشعلت فتيل الثورة على تلك الموازين. بعد ذلك عرج المحاضر فى نهاية هذه المقدمة إلى نشأة الذرة من الدقائق النووية التى تشكلت بعد الأنفجار الكونى العظيم بنحو ثلثمئة ألف عام (شكل 1 ) حيث كان لاندماج تلك النوايات ببعضها فى الدخان المصاحب للإنفجار الكونى (شكل 2 ) الدور الفاعل فى تكوين الذرات مع تمدد الكون (شكل 3 ) وتقادم عمره وبخاصة بعد إنصرام الثلثمئة ألف عام الأولى بعد النشأة. وقد نوه د. أبوالخير أن نوى الهيدروجين (شكل 4 ) قد تشكلت عند الثانية الثالثة عشرة من نشأة الكون .
 

 
شكال(1)   صورة تحاكى الإنفجار الكونى العظيم المصدر الحقيقى لتكون الدقائق النووية وتخلق الذرات بحول الله وقوته بعد إنصرام الثلثمئة ألف عاما الأولى من نشأة الكون
 

 
 
( شكل 2 ) الدخان الكونى العظيم الذى تخلقت فيه الذرات بحول الله وقوته بعد الانفجار الكونى العظيم
 
 

 
 
( شكل 3 ) مراحل تمدد الكون وتكون الذرات بحول الله وقوته من الدقائق النووية بعد الإنفجار العظيم بنحو ثلثمئة ألف عام
 
 

 
( شكل 4 ) أعمدة الهيدروجين التى تشكلت أولى نوى ذراتها عند الثانية الثالثة عشرة الأولى بعد الانفجار الكونى العظيم
 
 
وقبل أن يختم د. أبوالخير هذه المقدمة نوه إلى أن محاضرته تشمل ثلاثة عشرة نقطة من مظاهر التحول فى نظرية المعرفة الذرية سردها على النحو التالى:
نقطة التحول الاولى

ظهور المصطلح
ذكر د. أبوالخير إن بداية ظهور مصطلح الذرة كانت فكرة بدهية فلسفية تأملية محلقة صاغها ديموقريطيس فى القرن الخامس قبل الميلاد مفادها أن كل شيء في الكون يتألف من وحدات أولية دقيقة غير قابلة للإنقسام. وقد أشار المحاضر فى هذا الصدد الى أن هذا المصطلح قد تم تعليقه فى فترة ارسطو التى استندت شروحاتها لظواهر الحياة والكون على نظرية إبتدعها أرسطو مزجت بين عناصر أربعة هى الهواء والماء والتراب والنار. ثم عرج  د. أبوالخير بعد ذلك عند هذه النقطة من نقاط التحول فى المنجز الذرى إلى الخطاب القرآنى الذى  أشار إلى الذرة صراحة فى ستة مواقع مختلفة وليس ذلك فحسب بل الى ماهو أصغرمنها وكذلك إلى ما هو أكبر منها. فسجل القرآن حسب رأى د. أبوالخير قصب سبق وسندا مرجعيا غير مسبوق تحققت ووقعت وشوهدت إشاراته بعد عدة قرون تجريبيا. وبعد أن استعرض د. أبوالخير عددا من الآيات القرآنية ذات العلاقة بالذرة أشار إلى أن القرآن قد ربط فى كل الاحوال لفظة الذرة بالمثقال أى بالوحدة الوزنية التى اعتبرت الأساس الذى صنفت بموجبها الذرات فى الجدول الدورى التفاعلى المعاصر للعناصر الكيميائية فى القرن الماضى .
نقطة التحول الثانية

اتحاد الذرات وقانون تفاعل الغازات  
عند هذه النقطة من التحولات فى المنجز الذرى أكد د. أبوالخير أن مصطلح الذرة قد ظل في الذاكرة المرجعية غير فاعل لعدة قرون وبالتحديد حتى القرن الثامن عشر بعد الميلاد عندما تمكن دالتون أن يثبت أن الذرات تتحد مع بعضها بالتجاذب لتصنع المركبات علما أن دالتون ظل محافظا خلال هذه المرحلة على اعتقاده بعدم قابلية الذرة للانقسام متمشيا بذلك مع فكرة ديموقريطيس الذرية .
نقطة التحول الثالثة

اكتشاف الالكترون 
فى هذه المرحلة توقف المحاضر عند نقطة مهمة هى اكتشاف الالكترون باستخدام تقنية أشعة المهبط. وأشار المحاضر ألى أن اكتشاف الالكترون يعد منجزا ذريا هاما لمعرفة البنية الداخلية للذرة والخطوة الأولى للألف ميل من مستقبل الدراسات الذرية  .
نقطة التحول الرابعة

ظاهرة النشاط الإشعاعى الذاتى واكتشاف البروتون والنيترون 
          أكتشف فى هذه المرحلة من تحولات المنجزالذرى النشاط الاشعاعى كنتيجة لاكتشاف اليورانيوم والثوريوم والبولونيوم والراديوم. كما تعرف المجتمع العلمى، كما أشار الى ذلك د.أبوالخير، على جسيمات الفا التى تم استخدامها لاكتشاف البروتون وكذلك النيترون الذى أضيف فيما بعد لنواة الذرة. ولهذا أضحت الذرة فى هذه المرحلة أنموذجا باهرا لنواة تتمركز فيها البروتونات وتدور حولها الالكترونات.
نقطة التحول الخامسة

تحديد المعالم الرئيسة لشخصية الذرة
عند هذه النقطة لفت د. أبوالخير الإنتباه إلى مرحلة من أهم مراحل التحول فى المنجز الذرى، وهى مرحلة تكمية البنية الداخلية للذرة،إذ اتضح أن الذرات تختلف عن بعضها وتتمايز بسبب الاختلاف فى عدد البروتونات. كما أتضح أيضا فى هذه المرحلة أن حاصل جمع عدد النيترونات والبروتونات يعطي العدد الكتلي للعنصر بينما تحدد البروتونات العدد الذرى للعنصر . وقد اقترنت هذه المرحلة بالتمييز بين أن أيونات وكات أيونات العناصر التى هيأت معرفتها كميا فرصا لتشكيل  المركبات أى لكل ما هو اكبر من الذرة بما فى ذلك المجرة التى يفوق حجمها التصورات وتتخطى أفق الخيال.
 

نقطة التحول السادسة

سمت النظائر المستقرة والمشعة
يذكر د. أبوالخير أن هذه المرحلة تمثل حقبة هامة من مراحل المنجز الذرى حيث كشف فيها النقاب عن النظائر المشعة وغير المشعة للذرة . فقد رصدت فى هذه المرحلة أوجها نظائرية مختلفة لنفس العنصر تحمل جميعها نفس العدد الذري ولكنها تختلف في العدد الكتلي تبعا لزيادة أو نقصان عدد النيترونات في النواة . كما حدد فى هذه المرحلة كما قال د. أبوالخير الوقت اللازم لاستقرار العناصر المشعة وتحولها إلى عناصر غير مشعة بواسطة حساب نصف العمر المتوقع للنظير. وقد أشار المحاضر فى ختام نقاشه للمنجز الذرى فى هذه المرحلة الى تمكن علماء فيزياء الذرة من تحديد أعداد العناصر المشعة وغير المشعة والتحولات الفيزيوكيماوية التى تشهدها بناها الذرية.
 
نقطة التحول السابعة

هيولي الإلكترون والدورات الذرية
يقول د. ابوالخير أن هذه المرحلة من مراحل تحولات المنجز الذرى قد توجت برصد مايعرف بالدورات الذرية. كما تم فى هذه المرحلة أيضا رصد مدى استيعاب كل دورة من الالكترونات. وقد أشار المحاضر فى معرض شرحه لمنجزات هذه المرحلة أن تحديد مكان الالكترون فى دورة ما من دورات الذرة قد سبب معضلة كؤود نتيجة لسرعة دوران الالكترون الفائقة حول النواة من ناحية والطبيعة الموجية والجسيمية للإلكترون من ناحية أخرى. وحسب ما أوضحه د. أبوالخير فى سياق حديثه عن هذه المرحلة أن هذه الإزدواجية  قد أدت  إلى انبثاق فرضية دالة الاحتمال على مكان الالكترون ومبدأ عدم اليقين  .
 
نقطة التحول الثامنة

الطاقة والإندماج والإنشطار النووين 
يذكر د. أبوالخير أن ظهور نظرية النسبية الخاصة فى هذه المرحلة من مراحل المنجز الذرى قد كشفت الغطاء عن الطاقة والكتلة واعتبرتهما وجهين لعملة واحدة مشيرا إلى أن هذه النظرية قد منحت الساحة العلمية منظورا جديدا يمكن بموجبه تحويل الكتلة إلى طاقة. وقد توجت هذه المرحلة فيما بعد بظهور نظرية الكوانتم والمباحث المتعمقة فى مجالى الإندماج والإنشطار النووين ألأمر الذى دفع بالعلم قدما الى الأمام.

نقطة التحول التاسعة

تقانة المعجلات النووية
 يذكر د. أبوالخير فى سياق حديثه عن التحولات المعاصرة للمنجز الذرى أن أوائل القرن الماضى شهد تقانة جديدة لم يعرفها العالم من قبل هى تقنيات المعجلات والمصادمات النووية التى يتم فيها تسريع الجسيمات النووية ما تحت الذرية كالبروتونات مثلآً لإكسابها طاقة عالية جدا ثم السماح لتلك البروتونات الاصطدام باهداف نووية كالنيترونات مثلا. وتقاس الطاقة  فى المعجلات بوحدة تسمى الالكترون فولت يكتسبها الجسيم كلما عبر فى المعجل من ناقل كهرومغناطيسى الى آخر. وقد استعرض د. أبوالخير فى هذا الصدد عددا من المعجلات  فى العالم  وخاصة المعجل الهادرونى العالى الطاقة الذى شيد على الحدود السويسرية الفرنسية وبقطر بلغ 27 ميلا وبعمق يتراوح من 50 الى 175 متراً تحت الارض. وقال د. أبوالخير أن هذا المعجل هو معجل لتصادم البروتونات أنشئ على أعقاب المعجلات البيزوترونية التى عجزت بسبب طاقتها المحدودة نسبيا من اكتشاف بوزون هيجز الذي تطلب تخليقه داخل هذا المصادم الهادرونى ظروفا تتراوح من 5000 الى 7000 مليار إلكترون فولت  ليحاكى بذلك حالة الطاقة أبان نشأة الكون. وقد اسهب د. أبوالخير فى الحديث عن هذا المعجل العملاق من حيث بنيته وسماته التحتية والعمليات التى تجرى فيه لاكتشاف بوزون هيجز منوها إلى أن هذا المعجل يعد أضخم مُعجِّل جسيمات في العالم وأعلاها طاقة وأكثرها تسريعا لفيض البروتينات فى زمن يبلغ معدله 25 نانوثانية ( شكل 5 ) و (شكل 6).وقد أنهى د. أبوالخير حديثه عن هذه المرحلة من المنجز الذرى  بالمعجل الفائق المتناهى الطاقة التى تعادل طاقته عشرة مليون تريليون الكترون فولت.
 

 
(شكل 5 ) جانب من المفاعل الهادرونى فى سيرن
 
 

 
( شكل 6 ) جانب من معدات المصادم الهادرونى فى سرن وفى الأعلى صورة لتصادم البروتونات لفرز بوزون هيجز
 
نقطة التحول العاشرة

عالم جديد
نتيجة لتقانة المعجلات لم تعد الجسيمات التقليدية كالبروتونات والنيترونات والالكترونات هى أصغر لبنات الذرة . فقد أكد د. أبوالخير أن حقبة المعجلات والمصادمات النووية قد أفرزت عالما نوويا لم تشهده البشرية من قبل على الإطلاق. فظهرت عشرات الجسيمات النووية ألأولية ماتحت ألذرية الدقيقة للغاية التى تم تصنيفها مؤخرا الى ثلاث عوائل وذلك  على النحو التالى:

العائلة الاولى                    العائلة الثانية                      العائلة الثالثة
الكترون                          الميون                             التاو
الكترون نيترينوا                الميون نيترينوا                   التاو  نيترينوا
كوارك أعلى                     كوارك فاتن                        كوارك القمة
كوارك أسفل                    كوارك غريب                      كوارك القاع

   وتمتلك الجسيمات المقابلة في العائلات الثلاث خواصا متطابقة ما عدا الكتلة التى تزداد من عائلة الى أخرى. كما اتضح أن بين النواة ومستويات الطاقة الذرية جسيمات وسيطة تسمى الميزونات. وأشار د. ابوالخير إلى أن نتائج المعجلات قد أكدت أن كل بروتون ونيوترون يتكون من ثلاثة كواركات حيث يتألف البروتون مثلا من كواركين أعلى و كوارك أسفل أما النيترون فيتكون من كوارك أعلى ووكواركين أسفل. كما قسمت الكواركات الى أوتار يبلغ حجم الواحد منها 10 مرفوعة لأس سالب 33  من المتر وهو مايعرف بطول بلانك. ولم يغفل د. ابوالخير ألأشارة فى هذا الصدد الى جسيمات شبحية كالنيترينوا الذى يمكن أن يعبر تريليونات الاميال من فلز الرصاص دون أن تتأثر حركته، والميون الأكثر ثقلا من الالكترون بنحو 200 مرة. ويؤكد د. أبوالخير أن أكتشاف التاو الذى تزيد كتلتة على كتلة الالكترون بنحو 3520مرة والتاو نيترينوا والميون نيترينوا وبعض الكواركات ككوارك القاع وكوارك القمة والكوارك الفاتن والكوارك الغريب قد أضاف الى المنجز الذرى عالما ذريا جديدا يفوق التصور وتأملات الخيال الانسانى. وأوضح د. أبوالخير عند هذه النقطة من تحولات المنجز الذرى المدهشة أنه ثبت أن لكل جسيم أولى من هذه الجسيمات المنوه عنها آنفا جسيما مضادا وعند تلاقيهما يلاشى كل منهما الاخر لانتاج طاقة بحتة. ومن أمثلة الجسيمات الاولية المضادة البيزوترون ذو الشحنة الموجبة الذي تساوى كتلته كتلة الالكترون. وقال د. أبوالخير أن جسيمات بعض هذه العائلات الثلاث قد أدرجت تحت الهادرونات كالكواركات والبعض الاخر ضمن الليبتونات كالالكترون والميون والتاو وأضدادهما. وقد ختم د. أبوالخير حديثه عن هذه المرحلة من المنجز الذرى بالإشارة إلى أن الدقائق النووية التى مرت بنا آنفا قد صنفت الى البوزونات وهى الجسيمات التى تعطى القوة  والفرميونات وهى الجسيمات التى تعطى الكتلة منوها ألى أن جميع الجسيمات التى تشملها العوائل الثلاث تندرج تحت مجموعة الفرميونات. وطبقا لنظرية الكم تعد الجسيمات الأولية ذات العزم المغزلي الصحيح من البوزونات وتتبع إحصاء بوز-انشتاين عند تواجدها في نظام ما. أما الجسيمات الأولية ذات العزم المغزلي 1/2 فتعود الى الفرميونات التى تتبع إحصاء فيرمى-ديراك عند تواجدها في نظام ما ( شكل 7 ) .
 

 
شكل( 7 ) البوزونات والفرميونات
 

نقطة التحول الحاديةعشرة

القوى الكونية الأساسية والجسيمات البوزونية
أشار د. أبوالخير هنا إلى  ارتباط كل جسيم بوزونى كالجليون والويكون والفوتون والجرافيتون بقوي من القوي الكونية الاربع. فقال أن القوى النووية العالية يرافقها الغليون والقوي النووية الضعيفة يصاحبها الويكون أما القوى الكهرومغناطبسية فجسيمها الفوتون بينما يرتبط الجرافيتون بقوى الجاذبية. وذكر د. أبوالخير أن الكون قبل النشأة كان يحوى هذه القوى مجتمعة في نقطة صفرية الحجم  ذات حرارة عالية وطاقة وكتلة غير نهائيتين وعندما إنفجرت هذه النقطة انفصلت هذه القوى عن بعضها البعض حيث كانت قوى الجاذبية أول القوى التى أنفصلت ثم تبعتها بقية القوى الأخرى.ويأمل الفيزيائيون كما قال د. أبوالخير أن يتوصلوا الى نظرية موحدة لهذه القوى المختلفة مؤكدا أن هناك محاولات جادة تجرى لتوحيد القوى الاربع مشيرا فى هذا الصدد إلى أنه قد استعصى ربط القوة الرابعة وهي الجاذبية مع بقية القوي الأخرى. وأنهى د. أبوالخير حديثه عن هذه المرحلة من التحولات فى المنجز الذرى بإلقاء الضوء على نظرية الأوتار الفائقة التى يعمل الفيزيائيون منذ سنوات على حل استشكالات صياغتها أملا فى الوصول من خلالها التوحيد بين القوى الكونية والربط بين النسبية العامة والكوانتم فى نظرية واحدة يجمعها حقل معرفى تنظيرى تطبيقى موحد.
 
نقطة التحول الثانية عشرة

بوزون هيجز
 بدأ د. أبوالخير حديثه عن هذه النقطة من تحولات المنجز الذرى بتعريف بوزون هيجز ثم عرج بعد ذلك على اعتقاد عدد من العلماء أن هذا البوزون هو جسيم أولي مسؤول عن اكتساب المادة لكتلتها مثل الإلكترون والبروتون والنيوترون وغيرها وذلك  عن طريق تأثرها بمجال أسموه مجال هيجز. ونوه د. أبوالخير إلى أن هيجز قد صاغ نظريته مفترضا أن الكون أبان نشأته قد أحيط  بمجال أفتراضى غليظ غير مرئى له قوة صفرية فى كل اتجاه بحيث تجد فيه الجسيمات مقاومة متباينة تؤثر على اكتساب الجسيمات لكتلها. فالإلكترون مثلا يلاقي في مجال هيغز مقاومة صغيرة فيكون له كتلة صغيرة ، أما جسيم آخر مثل البروتون فيجد - طبقا لنظرية هيغز - مقاومة  أكبر في مجال هيغز فيظهر البروتون وله كتلة كبيرة . فالجسيمات الاولية في المادة التى تمر عبر هذا الحقل دونما تفاعل او احتكاك يذكر بمجال هيجز لاتكتسب كتلة لذاتها بعكس الجسيمات التى احتكت بالمجال وتفاعلت معه فانها تكتسب وزنا مذكورا. فالعلاقة كما قال د. أبوالخير بين أى جسيم أولى وحقل هيجز علاقة طردية أي كلما زاد احتكاك الجسيم بمجال هيجز زادت كتلته. 
 وذكر د. أبوالخير أن عددا من العلماء يعتقدون اليوم أن اكتشاف البوزون سيساعد على حل لغز ظروف اللحظة الزمنية 10?35 من الثانية الأولى بعد الانفجار العظيم. 
   وقد اكدت القياسات في المصادم الهادرونى بسويسرا أن كتلة بوزون هيجز تتراوح من 124 إلى127 جيجا إلكترون فولت  /c² . وتبلغ كتلة بوزون هيجز نحو 200 مرة كتلة البروتون. وهو جسيم ذو دورة تساوى صفرا ، كما أن ليس له شحنة كهربائية وغير مستقل ويتحلل الى جسيمات أولية أخرى في الحال وفي مدة تقدر بجزء ضئيل من الثانية قبل أن يتلاشى متحولا الى ملايين الكواركات في المصادم الهادرونى. وذكر د. أبوالخير أن السبب فى عدم اكتشاف هذا البوزون في المصادمات السابقة للمصادم الهادرونى كالمصادمات البيزوترونية يعود إلى طاقة تلك المصادمات التى تعد بكل المقاييس أقل نوويا من طاقة المصادمات الهادرونية. إضافة الى ذلك فهى مصادمات لا تتعامل مع الجسيمات الاولية التى تزيد كتلتها عن 115 جيجا الكترون فولت كبوزون هيجز الذى تصل كتلته الى 127 جيجا الكترون فولت.
 
نقطة التحول الثالثة عشر

تقانة النانو
عند هذه النقطة من تحولات المنجزالذرى توقف د. أبوالخير مع تقنيات النانو باعتبارها تقنية تمثل قمة التعامل مع المعرفة الذرية ودقائقها النووية وذلك بإعادة ترتيب المكون الذرى عند جزء من مليار جزء من المتر. وقد وضح د. أبوالخير أن لهذه التقنية تطبيقات هائلة فى كافة مجالات المعرفة معرجا هنا على دور الانابيب الكربونية والروبوتات النانوية فى صناعات المستقبل واستراتيجياتها التقنية. 
الخاتمة
وفى الختام نوه د. أبوالخير أنه على الرغم من التطور الملحوظ في بنية هذا المنجز الذرى زمكانيا الا أنه لا زال يعانى من قصور في تفسيرات عدد من الظواهر الكمومية والكونية كأصل الكتلة والثابت الكونى وتناظر الشحنةالسوية القوية وطبيعة المادة المظلمة في الكون التى تشكل أكثر من 80% من كتلته وكذلك العجز في تفسير فرق الكتلة الكونية والطاقة. ولاتزال بعض هذه المنجزات  تعانى من عدم تطابق بنائها الفيزيوكيميورياضي مع ذلك الخاص بالنسبية العامة في مجال الانفجار الكبير وأفق الحدث في الثقب الاسود والجاذبية. ولعل من المشاكل العالقة تباين المادة والمادة المضادة وتنبؤ الأنموذج بتساويهما في الكون على الرغم من المعرفة التى تؤكد الغاء كل منها الاخر كنتيجة لاتجاه الكون نحو البرودة التى يقتضيها قانون الانتروبيا. كما يعانى المنجز الذرى من تفسير مقنع لاسباب الاختلافات في كتل الجسيمات الاولية. كما يعول عليه في تعليل أسباب التفاعل بين الجسيمات النووية وقوى الطبيعة وكذلك كسر التماثل المتمثل في المعادلات الاساسية لتلك القوى لأن كسر التماثل يعنى اكتشاف سر الكتل الجسيمية المختلفة

التصنيفات